تستكمل جهاد البناء عمليات مسح الأضرار ودفع التعويضات في منطقة جبل عامل الثانية، وفق خطّة تعتمد بشكل رئيسي على مبدأ اللامركزية في العمل، حيث تنتشر مراكز رئيسية في المناطق وأخرى فرعية في المدن. هذه الآلية تضمن سير الملف بشكل متزامن بين مختلف مناطق لبنان، كما وتؤمّن عامل السرعة في الإنجاز.
قصدنا في الخط الساخن منطقة جبل عامل الثانية، والتقينا بمدير مسح الأضرار فيها المهندس عزّام كوثراني، الذي ذكر أنّهم في جهاد البناء استطاعوا مسح ما يزيد عن 55000 وحدة متضرّرة، وتم صرف الأموال لما يزيد عن 20 بالمئة من مالكي وشاغلي هذه الوحدات.
وتابع عزّام، إنّ منطقة جبل عامل الثانية تضم 107 قرى وبلدات، ولتسهيل العمل وتسريعه تم توزيعها على 7 مراكز فرعية، على رأسها المركز الرئيسي وموقعه في مدينة النبطية، وهذا التقسيم اعتمد على جغرافية المنطقة وتوزّع الأضرار فيها.
وفق عزّام فإنّ كل مركز يديره مهندس يشرف على الفرق العاملة، وهي تتوزّع بين فرق من المهندسين المعنيين بالمسح الميداني، وفرق من الإداريين المعنيين بالتدقيق في استمارات المسح ومكننتها. لفت عزّام الى أنّه عندما تحتاج المراكز الفرعية الى عدد إضافي من المهندسين، تقوم إدارة المركز الرئيسي في المنطقة بإرسال مجموعة يرافقها مدير لمتابعة عملها.
ولدى سؤالنا عن منجزات ملف المسح والتعويض، قال عزّام إنّهم أنهوا عمليات المسح في ثلاثة مراكز فرعية والتي تتابع المسح في 48 بلدة تشمل صيدا وضواحيها، الغازية، الزهراني، وإقليم التفّاح. أمّا مركز النبطية فقد أنجز من ملف المسح فيه ما نسبته 97%. وبالنسبة للمراكز الفرعية الأخرى فقد تم إنجاز ما نسبته 95% من كامل الملف.
انتقلنا الى المركز الرئيسي لإدارة مسح الأضرار في منطقة جبل عامل الثانية، حيث يتضمّن المبنى أيضا مركز فرع النبطية ومركز مراجعات النبطية، وأمام المركز التقينا بمجموعة من المهندسين المتوجّهين الى البقاع الغربي للمساهمة في عملية مسح الأضرار. وتحدّث إلينا المهندس حسين حمية الذي ذكر أنّه يقصد مع زملائه البقاع الغربي بشكل يومي، للمساهمة في التعجيل بعملية المسح، وقال إنّه يؤدّي هذا الدور وفاءً لدماء الشهداء ولدماء سيّد شهداء الأمّة السيّد حسن نصرالله.
ودّعنا الفريق وتوجّهنا الى داخل المركز لرصد أجواء العمل، وفي غرفة التدقيق وإدخال البيانات تحدّثنا الى المهندس أحمد مزرعاني الذي تطوّع لتحقيق وعد السيّد بإعادة الإعمار. ذكر مزرعاني أنّهم ينقسمون في الغرفة الى فريقين، فريق المهندسين الذين يدقّقون في الإستمارات، وفريق المعلوماتيين الذين يتولّون مهمّة إدخال البيانات.
أيضا كان لنا لقاء مع مسؤول عملية التدقيق الثانية المهندس أحمد وهبي، الذي شرح آلية العمل التي تبدأ من وصول الإستمارات الى أمانة السر، ومن ثم مراجعة المعلومات التي تحويها، واستكمال أي نقص فيها بالعودة الى المهندس أو الى مالك الوحدة. وأخيرا تصل الإستمارة الى قسم التدقيق الذي يقوم بوضع الكود المناسب لكل بند ووحدة قياس.
شرح وهبي مثال عن فكرة الكود أنّ بند الزجاج المشرّط بقياس معيّن تمّ وضع كود خاص به. وبعد وضع الكودات لكل البنود في الإستمارة، تبدأ مرحلة التدقيق الثانية، حيث يتم التأكّد من مطابقة الكود للبند ووحدة القياس. هذا الكود يتم إدخاله عبر برنامج الكتروني، وبشكل تلقائي يظهر البند ووحدة القياس والسعر.
بعد هذا الشرح انتقلت كاميرا المنار الى مركز مراجعات مسح الأضرار وإعادة الإعمار الخاص بالنبطية، وهناك كان اللقاء مع مدير مكتب المراجعات والشكاوى عماد علي أحمد، الذي ذكر أنّ هذا المكتب يتابع شكاوى المواطنين واستفساراتهم، ويعمل على معالجة أي مشكلة مع المعنيين ولجان المسح. وعن شكاوى المواطنين الخاصة بقيمة مبلغ التعويض، أكّد الأستاذ عماد على أنّ هذه الشكاوى تتابع عبر إعادة الكشف على الوحدة المتضرّرة.
ضمن ملف إعادة الإعمار حضر ملف الأبنية المهدّمة، وحولها تحدّث مسؤول دائرة الأبنية المهدّمة في منطقة جبل عامل الثانية المهندس أحمد إبراهيم، الذي قال إنّهم يزورون الموقع المدمّر ويأخذون قياسات المبنى وعدد الطوابق، ويجمعون المعلومات الضرورية من لجان الأحياء والمالكين، ويعطون كل مبنى رمزاً، ومن ثمّ يعملون على ملء استمارات للمبنى وأخرى خاصّة بكل قسم. تابع إبراهيم أنّه في حال تعذّر وصولهم الى المبنى المستهدف، يتم الإستعانة ببرامج حديثة وصور جويّة.
أيضا لفت إبراهيم الى أنّهم خلال الحرب، كانوا يقصدون المواقع المستهدفة ويسجّلون المعلومات حولها، ويعملون على تحديث هذه المعلومات مع كل إستهداف جديد.
خرجنا من المركز الرئيسي لإدارة مسح الأضرار متّجهين الى مكتبٍ لدفع المستحقّات، فاستوقفتنا صيدلية جاهزة وضعها صاحبها فوق الركام. صاحب الصيدلية نادر خطّاب أراد أن يتحدّى العدو الصهيوني، فوضع الصيدلية التي تشبه المنزل الجاهز بمقابل ركام منزله وصيدليته، وقال لنا إنّه رغم الدمار سيصنع حياة جديدة وانتصاراً في وجه العدو.
وصلنا الى مكتب دفع المستحقّات الخاص بحي السراي في النبطية، وذكر مسؤول المكتب أمير قدّورة أن النبطية وحدها تضم أربعة مكاتب. ورصدت كاميرا المنار تسلّم المواطنين لشيكّات المستحقّات التي ستصرف عبر القرض الحسن. المواطنون شكروا حزب الله على السرعة في التعويض، وعبّروا عن رضاهم عن المبالغ التي تم تحديدها، كما شكروا المقاومين الأبطال الذين حفظوا الأرض ليعودوا إليها ويعمّروها.